ความยำเกรงต่ออัลลอฮฺ (ซ.บ.) (ตอนที่ 2)

อาลี เสือสมิง
อาลี เสือสมิง
ความยำเกรงต่ออัลลอฮฺ (ซ.บ.) (ตอนที่ 2)
/

 

ตำราที่ใช้ :  ดะลีลุ้ลฟาลิฮีน (อธิบาย ริยาฎุซซอลิฮีน)

สถานที่ : โรงเรียนญะมาลุ้ลอัซฮัร, อิสลามรักสงบ ซ.พัฒนาการ 30

 

 

 :: เนื้อหา ::

(وأما في الأحاديث) المرفوعة (فكثيرة جداً فنذكر منها طرفاً) أي جانباً، والطرف حال لأنه كان وصفاً لظرف قدم عليه ومن فيه للبيان (وبا) لا بغيره (التوفيق) وهو لغة جعل الأسباب موافقة للمسببات. وشرعاً خلق قدرة الطاعة في العبد.
(4/121)

1396 ــــ (عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو الصادق) في أقواله وأفعاله وأحواله (المصدوق) فيما يأتيه من الوحي، والجملة اعتراضية لا حالية لتعم الأحوال كلها (أن أحدكم) أي الواحد منكم (يجمع) بالبناء للمفعول أي يقدر (خلقه) أي ما يخلق منه (في بطن أمه) صفة خلق أو حال منه: أي مادة خلقه الحاصلة أو حاصلة (أربعين يوماً) ظرف لمتعلق الظرف المحذوف (نطفة) وهي الماء القليل، والمراد هنا المنيّ لأنه ينطف: أي يسيل، ومعنى جمعه فيها: مكثه أربعين ليلة منتشراً في بشرة المرأة بعد أن انتشر تحت كل ظفر وشعر منها ثم ينزل منها دم في الرحم، فذلك جمعه وهو وقت كونه علقة، ولا ينتقل عن كونه منياً قبل الأربعين (ثم يكون) أي يصير خلقه (علقة) هي دم جامد، لأنها إذ ذاك تعلق بالرحم (مثل ذلك) بالنصب صفة علقة، وذلك إشارة إلى خلقه: أي علقة مماثلة لخلقه في أنهما يكونان أربعين يوماً (ثم يكون) أي يصير خلقه (مضغة) أي قطعة من اللحم قدر ما يمضغ (مثل ذلك) أي أربعين يوماً، وفيها يصورها الله تعالى ويجعل الأعضاء والسمع والبصر وغيرهما {هو الذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء} (آل عمران:6) (ثم) إذا تمت وصار ابن مائة وعشرين يوماً (يرسل) بالبناء للمفعول أي يرسل الله (الملك) في الطور الرابع، ولا مخالفة بين حديث الباب وحديث مسلم عن حذيفة بن أسيد مرفوعاً «إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله ملكاً فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها وعظامها ثم يقول: أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء ثم يكتب أجله ورزقه» لأن لتصرف الملك أوقاتاً أحدها حين كونه نطفة ثم انقلابه علقة وهو أول علم الملك بأنه ولد وذلك عقب الأربعين الأولى، وحينئذٍ ربه يكتب رزقه وأجله وعمله وخلقته وصورته، ثم يتصرف فيه بتصويره وخلق أعضائه وذلك في الأربعين الثالثة، فيفرد بالتصوير بعد أن يكتب ذلك، ثم ينقله في وقت آخر لأن التصوير بعد الأربعين الأولى
(4/122)

غير موجود عادة، أشار إليه المصنف في شرح مسلم، وقد استفاض بين النساء أن النطفة إذا قدرت ذكراً تتصور بعد الأربعين الأولى بحيث يشاهد منه كل شيء حتى السرّة فتحمل رواية ابن مسعود على البنات أو الغالب (فينفخ فيه) أي فينفخ الملك في ذلك المخلوق (الروح) بعد كمال الجسم وخلقه؛ وفيه دليل على حدوث الروح، والنفخ بالمعجمة والمهملة والنفث يستعملان بمعنًى، إلا أن الأولين يستعملان على طريق الخير والشرّ والثالث في الثاني فقط (ويؤمر) أي ذلك الملك عطف على ينفخ (بأربع كلمات) أي يؤمر بكتابة الأحكام المقدّرة له على جبهته أو بطن كفه أو ورقة تعلق بعنقه قاله مجاهد.Y
(4/123)

واعلم أن الكتابة التي في أمّ الكتاب تعم الأشياء كلها وهذا ما خص به كل إنسان، إذ لكلٍ سابقة وهي ما في اللوح ولاحقة تكتب ليلة القدر ومتوسطة أشير إليها في الحديث (بكتب) بدل كل من قوله بأربع ويروى بالمضارع على الاستئناف (رزقه) ما ينتفع به حلالاً كان أو حراماً مأكولاً أو غيره (وأجله) أي مدة عمره أو الوقت الذي ينقرض فيه (وعمله) من صلاح وضده (وشقي أو سعيد) خبر لمبتدأ تقديره هو، وعدل إليه عن شقاوته وسعادته بحكاية صورة المكتوب، والتقدير: وأنه شقي أو سعيد، وكان العدول فيه لأن التفصيل الآتي وارد عليهما، ذكره الطيبي. والسعادة معاونة الأمور الإلهية للإنسان على نيل الخيرات وتقابلها الشقاوة. وقدمت ليعلم أنها كالخير من عند الله تعالى، وحول الإنسان أطواراً في بطن أمه والقدرة صالحة لخلقه جملة في لمحة لدفع المشقة عن الأم لأنها غير معتادة، فربما ظنته علة، فدرج في حال إلى آخر لتعتادها، ولإظهارها قدرة الله سبحانه ليعبدوه ويشكروه إذ قلبهم من أخس الأشياء ومستقذرها إلى أحسن صورة محلى بالعقل، ولإرشاد الناس إلى كمال قدرته تعالى على الحشر والنشر، إذ من قدر على خلق إنسان من ماء مهين ثم من علقة ثم من مضغة قادر على إعادته ونفخ الروح به ولغير ذلك.
(4/124)

ثم اعلم أن الآيات القرآنية تشهد أن التصوير من الله تعالى، وفي بعض الروايات إضافته إلى الملك الموكل بالرحم، والحمل على ظاهر التنزيل أولى، وجمع بعض بأن الملك الموكل بالرحم من أعوان إسرافيل وبيده الصور، وهو ناظر إلى إسرافيل، وإسرافيل ناظر إلى الصورة المنقوشة فقد ورد «إن الله تعالى جعل لكل ما خلق صورة مخصوصة في ساق العرش، وتلك الصورة حكاية عما في علم الله الأزلي» فيأخذ إسرافيل الصورة المختصة بتلك الذرة ويلقيها إلى الرحم، وملك الأرحام يلقيها إلى الجنين فيصوره بتلك الصورة، فحيث أسند التصوير إليه تعالى فلأنه المقدر للصورة حقيقة الموجد لها، وحيث أسند للملك فلأنه المباشر لها حسبما رأى في نسخة إسرافيل (فوالذي) هو من جملة المرفوع كما يدل عليه ظاهر رواية «الصحيحين» هذه وغيرها. وأما ما رواه الخطيب البغدادي في المدح من أن من هنا إلى الآخر من كلام ابن مسعود فلا يعارض ما في «الصحيحين»، بل ما فيهما مقدم عليه، وبفرض ثبوت ما فيه فالذي توقف عليه إنما هو هذه المباني، وإلا فقد جاء هذا المعنى مرفوعاً في أحاديث كثيرة بينتها أواخر «شرح الأذكار»، الفاء فصيحة وهي العاطفة على مقدر، وقيل الواقعة جواباً لشرط مقدر، وقد بسطت الكلام في تحقيق هذه الفاء وأحوالها في كتابي المسمى بـ «إيقاظ النائم من سنة نومه» ببعض فوائد قوله تعالى: {وإذ استسقى موسى لقومه} (البقرة:60) أي فإذا كانت السعادة والشقاوة مكتوبين فوالذي (لا إله غيره) أكده بالقسم لتأكيد أمر القضاء (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى) أي إلى أن ينتهي إلى أمد (ما يكون) ما نافية ويكون مرفوع إجراء لحتى وما بعدها مجرى الحكاية الحالية، قاله الكازروني «شارح الأربعين»، قال: والنصب فيه وفي الجملة الثانية خطأ (بينه وبينها) أي الجنة (إلا ذراع) أراد به التمثيل للقرب من موته ودخوله عقبه الجنة (فيسبق) أورد الفاء لتدل على حصول السبق بلا مهلة وعداه بعلى في قوله (عليه
(4/125)

الكتاب) لتضمنه معنى يغلب: أي يغلب عليه ما كتب عليه قبل النفخ من الشقوة (فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) بفصل القضاء السابق المحتوم لشقوته (وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون) أي إلى أن لا يبقى (بينه وبينها إلاّ ذراع فسيبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة) من الإنابة والاستغفار وعمل الأبرار (فيدخلها) فالخاتمة نسخت السابقة، وبذر السعادة والشقاوة قد اختفى في الأطوار الإنسانية، ولا يظهر إلا إذا انتهى إلى الغاية الإيمانية أو الطغيانية، ففي الحديث إيماء إلى عدم الاغترار بصور الأعمال والركون إليها، بل بالخاتمة، وقد جاء في بعض روايات الحديث زيادة «وإنما الأعمال بالخواتيم» فلا يقطع لأحد معين بدخول الجنة إلا من أخبر أنه من أهلها، فعليك أن لا تنكل على عمل ولا تعجب به واسأل الله حسن الخاتمة واستعذ به من سوئها، ولا تقل قوله تعالى: {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً} (الكهف:30) مخبر بأن من أخلص عمله أمن من سوئها. لأنا نقول: يجوز أن يكون ذلك معلقاً على شرط القبول وحسنه. ثم قال القاضي عياض: الثاني كثير، وأما الأول فقليل لأن الله كريم يستحي أن ينزع السرّ من أهله، وفيه إثبات القدر، وهو مذهب أهل الحق، وأن جميع ما في الكون بقضاء وقدر من نفع أو ضرر (متفق عليه) وكذا رواه أصحاب السنن الأربعة.
(4/126)