ความประเสริฐของความมักน้อยในโลกดุนยา และความประเสริฐของความจน (ตอนที่ 2)

อาลี เสือสมิง
อาลี เสือสมิง
ความประเสริฐของความมักน้อยในโลกดุนยา และความประเสริฐของความจน (ตอนที่ 2)
/

ตำรา ที่ใช้ : ดะลีลุ้ลฟาลิฮีน (อธิบาย ริยาฎุซซอลิฮีน)

สถานที่ : โรงเรียนญะมาลุ้ลอัซฮัร, อิสลามรักสงบ ซ.พัฒนาการ 30

:: เนื้อหา ::

1456 ــــ (عن عمرو) ويقال فيه عمير بالتصغير كما نبه عليه في «الفتح» (ابن عوف الأنصاري) زاد المزي في وصفه قوله «البدري حليف بني عامر بن لؤي» وخرج بقوله الأنصاري عمرو بن عوف المزنيّ راوي حديث تكبيره خمساً في الجنازة وأحاديث أخر غير ذلك. قال الحافظ في «الفتح» بعد قول البخاري الأنصاري: المعروف عند أهل المغازي أنه من المهاجرين، وهو موافق لقوله هنا: وهو حليف لبني عامر بن لؤي لأنه يشعر بكونه من أهل مكة. ويحتمل أن يكون وصفه بالأنصاري بالمعنى الأعم، ولا مانع أن يكون أصله من الأوس أو الخزرج فنزل مكة وحالف بعض أهلها، فبهذا الاعتبار هو أنصاري مهاجري، ثم ظهر كأن لفظة الأنصاري وهم تفرد به شعيب عن الزهري، ورواه أصحاب الزهري كلهم عنه بدونها في «الصحيحين» وغيرها، وهو معدود من أهل بدر اتفاقاً، وقول المزي. البدري لأنه (رضي الله عنه) شهد بدراً مع رسول الله . أخرج ابن الأثير في «أسد الغابة» عن ابن إسحاق قال: ممن شهد بدراً عمرو بن عوف: مولى سهيل بن عمرو، وقال: هكذا جعله ابن إسحاق مولى وجعله غيره حليفاً، قيل لأنه سكن المدينة ولا عقب له، وليس له في الكتب الستة سوى هذا الحديث (أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعث أبا عبيدة) قيل اسمه عامر بن عبدالله، وقيل عبد الله بن عامر (بن الجراح) والأوّل أصح: أحد العشرة المبشرة بالجنة (رضي الله عنه) وعنهم. والجراح بفتح الجيم وتشديد الراء آخره حاء مهملة (إلى البحرين) أي البلدة المشهورة بالعراق، وهي بين البصرة وهجر. وفي كتاب «أسامى البلدان» قال الزهري: إنما ثنوا البحرين لأن في ناحية قراها بحيرة على باب الأحساء وقرى هجر بينها وبين البحر الأخضر عشرة فراسخ، وهذه البحيرة ثلاثة أميال في مثلها ولا يفيض ماؤها، وماؤها

(4/240)

راكد زعاف اهـ. (يأتي بجزيتها) أي بجزية أهلها، وكان غالب أهلها إذ ذاك مجوساً. وذكر ابن سعد أن النبي بعد قسمة الغنائم بالجعرانة أرسل العلاء إلى المنذر ابن ساوى عامل الفرس على البحرين يدعوه إلى الإسلام فأسلم، وصالح مجوس تلك البلاد على الجزية من المجوس (فقدم بمال من البحرين) قال في كتاب الصلاة ومن «التوشيح» نقلاً عن «مصنف ابن أبي شيبة» كان قدر المال مائة ألف وأنه أوّل خراج حمل إلى النبيّ اهـ. (فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة) أي بالمال (فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله) قال الحافظ: يؤخذ منه أنهم كانوا لا يجتمعون الجميع في كل الصلوات إلا لأمر يطرأ، وكانوا يصلون في مساجدهم إذ كان لكل قبيلة مسجد يجتمعون فيه، فلأجل ذلك عرف أنهم اجتمعوا لأمر، ودلت القرينة على تعيين ذلك الأمر، وهو احتياجهم للمال للتوسعة عليهم. ويحتمل أن يكون وعدهم بأن يعطيهم منه إذا حضروا، وقد وعد جابراً بعد هذا أن يعطيه من مال البحرين فوفى له أبو بكر (فلما صلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ انصرف) أي ذاهباً إلى مقصده (فتعرضوا له) أي قصدوا له. قال في «الصحاح»: تعرضت أسألهم اهـ. (فتبسم حين رآهم) يحتمل أن يكون تبسمه لما ظهر من مقتضى الطبع من طلب الدنيا مع أن قضية حالهم وشرفهم وكون المصطفى بين أظهرهم مع كمال إعراضه عنها ترك ذلك (ثم قال أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء) يحتمل أن يكون تنوينه للتعظيم باعتبار كثرة كميته. ويحتمل أن يكون للتحقير لحقارة الدنيا في جانب ما أعد الله للمؤمنين في الدار الآخرة (من البحرين) يحتمل أن يكون متسقراً صفة لشيء، ويحتمل أن يكون لغواً متعلقاً بالفعل (فقالوا: أجل) هو في المعنى مثل نعم، لكن نعم يحسن أن تقال جواب الاستفهام، وأجل أحسن من نعم في التصديق (يا رسول الله) وأتوا به تلذذاً بالخطاب وإلا فقد حصل بقولهم: أجل الجواب (فقال أبشروا) أمر معناه الإخبار بحصول المقصود (وأملوا) قال في «تحفة القاري» بفتح

(4/241)

الهمزة وتشديد الميم (فوا ما الفقر) بالنصب مفعول مقدم لقوله (أخشى عليكم) وتقدم المفعول اهتماماً بنفي خشية الفقر عليهم عكس الآباء مع أولادهم، فإن الوالد الشفيق يخشى على ولده الضيعة بعده، والنبي لهم مثل الوالد ولم يخش عليهم الفقر، قال الطيبي: لأن الأب الدنيوي يخشى على ولده الفقر الدنيوي، والأب الديني يخشى على ولده الفقر الديني، قال الحافظ في «الفتح»: يجوز رفع الفقر بتقدير ضمير: أي ما الفقر أخشاه عليكم، والأول هو الراجح، وخص بعضهم جواز ذلك بالشعر اهـ. وأصله للزركشي وتعقبه فيه الدماميني بأن ضعف ذلك مذهب كوفي، قال في «التسهيل» ولا يختص بالشعر خلافاً للكوفيين. فإن قلت: تقديم المفعول هذا يؤذن بأن الكلام في المفعول لا في الفعل كقولك ما زيد ضربت فلا يصح أن يعقب المنفى بإثبات ضده، فيقول ولكن أكثر منه لأن المقام في المفعول هل هو زيد أو عمرو مثلاً، لا في الفعل هل هو إكرام أو إهانة: والحديث قد وقع فيه استدراك بإثبات ضد الفعل المنفي فقال: ولكن أخشى الخ فكيف يأتي هذا. قلت: المنظور إليه في الاستدراك هو المنافسة في الدنيا عند بسطها عليه، فكأنه قال ما الفقر أخشى عليهم ولكن المنافسة في الدنيا فلم يقع الاستدراك إلا في المفعول كقولك ما ضربت زيداً، ولكن عمراً ضربت، ثم لا يضر لأنه في الحقيقة استدراك بالنسبة إلى المفعول لا إلى الفعل اهـ. (ولكن أخشى أن تبسط) أي توسع (الدنيا عليكم) و ما فتحه الله عليهم من الدنيا بعده حتى إن أحدهم لا يجد للمال موضعاً يحطه فيه (كما بسطت) ما موصول اسمي أو نكرة موصوفة: أي دنيا يعود الضمير النائب عن الفعل المستتر في بسطت عليه (على من كان قبلكم): أي من الأمم وسقطت كان من بعض نسخ البخاري (فتنافسوها كما تنافسوها) الأول مضارع حذفت إحدى تاءيه تخفيفاً، والأصل فتتنافسوها، وفي بعض نسخ البخاري حذف الضمير المنصوب من الفعل الثاني، قال المصنف: والتنافس المسابقة إلى الشيء وكراهة أخذ

(4/242)

الغير له، وهو أول درجات الحسد اهـ. وبمعناه ما في «تحفة القاري» من أنه الرغبة في الشيء والانفراد به (فتهلككم) أي في الدين (كما أهلكتهم) في ذلك وإسناد الإهلاك إليها مجاز عقلي من باب الإسناد إلى السبب إذ التنافس فيها سبب قد يجر لفساد الدين وهلاكه، قال الحافظ في «الفتح»: لأن المال مرغوب فيه فترتاح النفس لطلبه فتمتنع منه فتقع العداوة المقتضية للمقاتلة المفضية إلى الهلاك اهـ. وقد وقع عند مسلم من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً «تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون» ونحو ذلك. قال في «الفتح»: وفي الحديث إشارة إلى أن كل خصلة من المذكورات مسببة عما قبلها، وفي الحديث «واتقوا الشح فإنه أهلك من قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم». قال ابن بطال: فيه أن زهرة الدنيا ينبغي لمن فتحت عليه أن يحذر من سوء عاقبتها وشرّ فتنتها عنه. وفي «تفسير البيضاوي والخازن»: أي زينتها وبهجتها: أي فلا يطمئن إلى زخرفها ولا ينافس بها أيضاً اهـ. (متفق عليه) رواه البخاري واللفظ له في الجزية، وفي المغازي من «صحيحه»، ورواه مسلم في آخر «صحيحه» في باب تحريم الظلم السابق، ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه أيضاً، فرواه الأوّل في باب الزهد والثالث في الفتن، ومدار الحديث عندهم على الزهري.

(4/243)

2457 ــــ (وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جلس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المنبر) بكسر الميم وسكون النون وفتح الباء الموحدة، قال في «الصحاح»: نبرت الشيء أنبره نبراً: رفعته، ومنه سمي المنبر (وجلسنا حوله) لسماع أقواله وتلقي مواعظه، وحول منصوب على الظرفية. قال في «الصحاح»: يقال قعدوا حوله وحواله وحواليه، ولا يقال حواليه بكسر اللام، وقعد حياله وبحياله بالكسر: أي بإزائه وأصله الواو اهـ. (فقال إن مما أخاف عليكم بعدي) أي بعد موتي وقدمه اهتماماً بأمره على الاسم وهو قوله (ما يفتح) بالبناء للمفعول (عليكم من زهرة الدنيا) قال في «المصباح»: زهرة بوزن تمرة لا غير: أي لا يجوز فتحها بخلاف واحدة الزهر ففيها ذلك أيضاً، ويرده ما في «تفسير البيضاوي» من قوله، وقرأ يعقوب زهرة بالفتح، وهي لغة في الزهرة اهـ. ومثله في «تفسير النهر» إلا أنه لم يعين اسم القارىء وعبارته «وقرىء زهرة بفتح الهاء وسكونها نحو زهر ونهر». قلت: إن ثبت ما في «المصباح» من منع الفتح في لغة فيحمل على أنه جمع زاهر كما جوزه البيضاوي فيها أيضاً قال: وهي متاعها وزينتها. وفي «تفسير البيضاوي والخازن»: أي زينتها وبهجتها فلا يطمئن إلى زخرفها ولا يتأنس بها اهـ. قلت: وعليه فعطف قوله (وزينتها) على الزهرة من عطف الخاص على العام وخشيته من ذلك لئلا يتعلق حبه بالقلب ويأخذ بهجته بالبصر فيوقع في الأسباب المؤدية إلى فساد الدين مما تقدم في الحديث قبله (متفق عليه) ورواه البخاري في الصلاة وفي الجهاد وفي الزكاة وغيرها، ومسلم في باب ورواه النسائي في الجهاد.

(4/244)

3458 ــــ (وعنه) أي أبي سعيد الخدري (أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: إن الدنيا خضرة) بفتح المعجمة الأولى وكسر الثانية (حلوة) أي جامعة بين الوصفين المحبوبين للبصر والذوق فهي كالفاكهة التي راق منظرها وحلا مذاقها (وإن الله مستخلفكم فيها) بكسر اللام: أي بمنزلة الخلفاء عنه في التصرف فيها: أي فلا تتصرفوا بما لم يأذن لكم به (فينظر كيف تعملون) فيجازيكم على ما يبدو منكم من حسن وضده في عالم الشهادة الذي ظهرك كما سبق في علم الغيب الأزلي (فاتقوا الدنيا) أي من ميلكم إلى زهرتها وحلاوتها وخضرتها عما يطلب منكم من الوقوف عند ما أبيح لكم دون ما حظر عليكم، والفاء فيه فصيحة: أي إذا علمتم أن ما تعملون فيه بمرأى من الله تعالى فاتقوه في ذلك (واتقوا النساء) أي احذروهن أن بكيدهن يحملكم الافتتان بهن على ترك ما طلب منكم من التكاليف أو أن يخدعنكم بكيدن فتقعوا في شيء من أغراضهن الممنوع منها شرعاً (رواه مسلم) في آخر الدعوات، ورواه النسائي أيضاً في عشرة النساء، والحديث قدمه المصنف في باب التقوى وتقدم شرحه ثمة بأبسط مما هنا.