การหย่า : การหย่าในศาสนาอิสลาม [2]

อาลี เสือสมิง
อาลี เสือสมิง
การหย่า : การหย่าในศาสนาอิสลาม [2]
/

ตำรา ที่ใช้ : อัลหะล้าล วัลหะรอม ฟิ้ลอิสลาม

ดาวน์โหลดหนังสือ อัลหะล้าล วัลหะรอม ฟิ้ล อิสลาม

สถานที่ : โรงเรียนญะมาลุ้ลอัซฮัร, อิสลามรักสงบ ซ.พัฒนาการ 30

:: เนื้อหา ::

إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان

وإذا طلق الزوج زوجته وبلغت الأجل المحدد لها -أي قاربت عدتها أن تنقضي- كان على الزوج أحد أمرين:

إما أن يمسكها بمعروف. ومعنى ذلك يرجعها بقصد الإحسان والإصلاح، لا بقصد المشاكسة والإضرار.

وإما أن يسرحها ويفارقها بمعروف، بأن يتركها حتى تنقضي عدتها ويتم الانفصال بينهما بلا تشويش ولا مضارة، ولا مشاحة فيما لأحدهما على الآخر من حقوق.

ولا يحل له أن يراجعها قبيل انقضاء عدتها منه، قاصدا إيذاءها بإطالة العدة عليها، وحرمانها من التزوج بغيره أطول مدة يستطيعها. وهكذا كان يفعل أهل الجاهلية.

وقد حرم الله هذه المضارة للمرأة في محكم كتابه، بأسلوب ترعد منه الصدور وتجل القلوب. قال تعالى: (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف.. ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا.. ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه… ولا تتخذوا آيات الله هزوا… واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به. واتقوا الله… واعلموا أن الله بكل شيء عليم) سورة البقرة:231.

وبالتأمل في هذه الآية الكريمة نجدها قد اشتملت على سبع فقرات، فيها تحذير بعد تحذير، وتذكير يتلوه تذكير، ووعيد على إثر وعيد، وكفى بذلك ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

لا يجوز منع المطلقة عن الزواج بمن ترضى

لزوجها أو وليها أو أحد غيرهما أن يعضلها عن وإذا انقضت عدة المطلقة. فلا يحل الزواج بمن تريد، ولا يعترض طريق رغبتها ما دام الخاطب والمخطوبة قد تراضيا بينهما بالطريق المعروف شرعا وعرفا.

فما يصنعه بعض المطلقين من محاولة لفرض سيطرته على مطلقته، وتهديدها أو تهديد أهلها إذا تزوجت بعده، إنما هو من عمل الجاهلية الجهلاء.

ومثل هذا وقوف أهل المرأة وأوليائها في سبيل رجوعها إلى مطلقها إذا أراد مراجعتها، وتراضيا معا أن يتراجعا بالمعروف، ويرتقا ما كان بينهما من فتوق (والصلح خير) سورة النساء:128، كما قال الله تعالى.

وفي هذه المعاني جاءت الآية: (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف. ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر. ذلكم أزكى لكم وأطهر. والله يعلم وأنتم لا تعلمون) البقرة:232.

 

حق الزوجة الكارهة

وللمرأة إذا كرهت زوجها ولم تعد تطيق عشرته أن تفدي نفسها منه، وتشتري حريتها برد ما كان دفع لها من مهر وهدايا أو أقل منها أو أكثر حسب تراضيهما، والأولى أن يأخذ منها أكثر مما بذل لها من قبل. قال تعالى: (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) سورة البقرة:229.

وقد جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكني لا أطيقه بغضا، فسألها عما أخذت منه فقالت: حديقة، فقال لها: “أتردين عليه حديقته؟” قالت: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لثابت: “اقبل الحديقة وطلقها تطليقة”.

ويحرم على الزوجة أن تسارع إلى طلب الطلاق من زوجها بغير ما بأس من جهته، ولا داع مقبول يؤدي إلى التفريق بينهما. قال عليه السلام: “أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة”.

 

مضارة الزوجة حرام

ولا يحل للزوج أن يضار زوجته ويسيء عشرتها لتفتدي نفسها منه برد ما آتاها من المال كله أو بعضه، ما لم تأت بفاحشة مبينة. وفي ذلك يقول الله تعالى: (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) سورة النساء:19.

ويحرم عليه إذا كان هو الكاره الراغب في فراقها طموحا إلى غيرها أن يأخذ منها شيئا كما قال سبحانه: (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا، وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا؟) النساء:20-21.

 

الحلف على هجر الزوجة حرام

ومن روائع الإسلام في رعاية حق المرأة تحريمه على الزوج أن يغاضب زوجته فيهجر فراشها، ويمتنع عن قربانها مدة لا تحتمل أنوثتها. فإذا أكد هذا الهجر بيمين منه ألا يقربها (لا يجامعها) أعطي مهلة أربعة أشهر، عسى أن تهدأ فيها نفسها، وتسكن ثائرة غضبه ويراجع ضميره. فإذا عاد إلى رشده واتصل بها قبل انقضاء الأشهر الأربع أو في آخرها، فإن الله يغفر له ما فرط منه، ويفتح له باب التوبة الفسيح. وعليه أن يكفر عن يمينه.

وإذا مضت هذه المدة ولم يرجع عن عزمه، ويتحلل من يمينه، فإن امرأته تطلق منه جزاء وفاقا على ما أهمل في حقها.

ومن الفقهاء من يطلقها عليه بمضي المدة المذكورة بغير انتظار لقضاء قاض أو حكم حاكم.

ومنهم من يشترط رفع الأمر إلى الحاكم بعد مضي المدة، فيخيره بين مراجعة نفسه وإرضاء زوجه وبين الطلاق، وليختر لنفسه ما يحلو.

وهذا الحلف على عدم قربان الزوجة هو المعروف في الشريعة باسم (الإيلاء) وفيه جاء قول الله تعالى: (للذين يؤلون من نسائهم -أي يحلفون على البعد عنهن- تربص أربعة أشهر، فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم. وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم) سورة البقرة:226،227.

وإنما حددت المهلة بأربعة أشهر، لتكون فرصة كافية ليراجع الرجل فيها نفسه ويثوب إلى رشده، ولأنها في العادة أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها. وفي هذا يروي المفسرون قصة عمر رضي الله عنه حين كان يعس بالليل فسمع امرأة تنشد:

وأرقني ألا خليل ألاعبه

لقد طال هذا الليل واسود جانبه

لحرك من هذا السرير جوانبه

فوالله، لولا الله تخشى عواقبه

وقد بحث عمر عن قصتها فعرف أن زوجها غائب في كتائب المجاهدين من زمن طويل، فسأل ابنته حفصة: ما أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ قالت: أربعة أشهر.

وعندئذ عزم أمير المؤمنين ألا يغيب زوجا عن امرأته أكثر من أربعة أشهر.