ความประเสริฐของการร้องไห้เนื่องจากความกลัวและความถวิลหาอัลลอฮฺ (ซ.บ.) (ตอนจบ)

อาลี เสือสมิง
อาลี เสือสมิง
ความประเสริฐของการร้องไห้เนื่องจากความกลัวและความถวิลหาอัลลอฮฺ (ซ.บ.) (ตอนจบ)
/

ตำรา ที่ใช้ : ดะลีลุ้ลฟาลิฮีน (อธิบาย ริยาฎุซซอลิฮีน)

สถานที่ : โรงเรียนญะมาลุ้ลอัซฮัร, อิสลามรักสงบ ซ.พัฒนาการ 30

:: เนื้อหา ::

8453 ــــ (وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال لما اشتد) بالشين المعجمة: أي قوي وعظم (برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجعه) زاد في رواية لما اشتكى شكوه الذي توفي فيه رواه البخاري كما في «الأطراف» وذلك لتضاعف أجره وإعلاء أمره كما يدل عليه حديث «أشد الناس بلاء الأنبياء» الحديث (قيل له في الصلاة) أي من يقيمها للقوم ويؤم بهم فيها (فقال مروا) بضم الميم وأصله أؤمروا بهمزتين أولاهما للواصل وثانيتهما فاء الكلمة فحذفت تخفيفاً ومثله خذوا (أبا بكر) أي الصديق وسكت عن وصفه بذلك لتبادره إليه وحذف المأمور به أي بإقامة الصلاة لدلالة قوله (فليصل بالناس) على ذلك أورده الحافظ المزي بلفظ «للناس» باللام محل الباء أي ليصل إماماً لأجلهم ليعقدوا صلاتهم، وفي الإتيان بالفاء الدالة على التعقيب إيماء إلى مال مبادرته لامتثال أمر المصطفى وعدم توانيه، وأخذ منه أفضلية الصديق على باقي الصحابة الذين هم أفضل من جميع الأمة وأنه الخليفة من بعده، ولذا قال عمر رضي الله عنه: «رجل اختاره النبيّ لديننا ألا نرضاه لدنيانا» (فقالت عائشة) لتصرف ذلك عن أبيها خوفاً من تطير الناس به إن مات ولما تعلمه من كراهتهم الواقف موقفه لما جبلوا عليه من كمال محبته (إن أبا بكر رجل رقيق) أي رقيق قلبه، وإسناده إليه باعتبار ذلك لما غلب عليه من شهود مظهر الجلال (إذا قرأ) أي القرآن (غلبه البكاء) أي فلا يتمكن من إظهار القراءة المأمور بها الإمام، وليس مرادها أن ذلك يقع منه بسببه ظهور حرفين لأنه مبطل للصلاة إن لم يكن عن غلبة بحيث لا يمكن دفعه ولو كان كذلك لما أمر به ثانياً بقوله (قال مروه فليصل).

(4/226)

(وفي رواية) أي لهما (عن عائشة) أي من سندها بخلاف ما قبله فهو من سند ابن عمر (قالت) أي للنبيّ لما أمر أن يؤم الناس أبو بكر (قلت: إن أبا بكر إذا قام مقامك) أي إماماً بالناس، والمقام بفتح الميم اسم مكان من القيام (لم يسمع الناس من البكاء) من فيه تعليلية: أي بسببه، وإيراد المصنف لهذا الحديث في الباب لأن النبيّ رضي ذلك الأمر من الصدّيق وأبقاه على تقديمه فهو دليل على كونه محبوباً، قال تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} (الأنفال:2) (متفق عليه) أخرجاه في كتاب الصلاة واللفظ للبخاري، ورواه النسائي في عشرة النساء من سنه كما في «الأطراف».
9454 ــــ (وعن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري، قال الحافظ في «التقريب»: قيل له رواية وسماعه من ابن عمر أثبته يعقوب بن شيبة، مات سنة خمس، وقيل سنة ست وتسعين، خرج عنه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه (أن عبد الرحمن بن عوف) بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة القرشي الزهري أحد العشرة أسلم قديماً، ومناقبه شهيرة، مات سنة اثنتين وثلاثين، وقيل غير ذلك.

ومن مناقبه التي لا توجد لغيره كما قال المصنف في «التهذيب»: أن النبي وراءه في غزوة تبوك حين أدركه، وقد صلى بالناس ركعة، وحديثه في مسلم وغيره، قال: وقولنا لا توجد لغيره من الناس احتزازاً من صلاة النبي خلف جبريل حين أعلمه «بالمواقيت» اهـ. وما أفهمه من أنه لم يصلّ خلق غير عبد الرحمن يشكل عليه ما أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي عن عائشة قالت: صلى النبيّ خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه قاعداً، وأخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح من حديث أنس قال: صلى النبيّ خلق أبي بكر قاعداً في ثوب متوشحاً به.

(4/227)

قال الحافظ السيوطي بعد إيراد ذلك: وأحاديث أخر بمعناه وإيراد حديث تأخر أبي بكر واقتدائه بالنبيّ ، واقتداء الناس بأبي بكر ما لفظه: هذه الأحاديث قد جمع بينها ابن حبان والبيهقي وابن حزم، وقال ابن حبان: لا معارضة بين هذه الأحاديث، فإنه صلى صلاتين، لا صلاة واحدة، لأن في خبر عن عائشة أنه خرج بين رجلين تريد بأحدهما العباس والآخر علياً، وفي خبر آخر عنها: أنه خرج بين بريدة وثوبة قال: فهذا يدلك على أنهما صلاتان لا صلاة واحدة. قال البيهقي في المعرفة: والذي نعرفه بالاستدلال بسائر الأخبار أن الصلاة التي صلاها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خلف أبي بكر هي صلاة صبح يوم الاثنين، وهي آخر صلاة صلاها حتى مضى لسبيله، هي غير التي صلاها أبو بكر خلفه. قال: ولا يخالف هذا ما ثبت عن أنس في صلاتهم يوم الاثنين، فكشف النبيّ الحجرة ونظر إليهم وهم صفوف في الصلاة وأمرهم بإتمامها وإرخائه الستر فإن ذلك إما كان في الركعة الأولى، ثم إنه وجد في نفسه خفة فخرج فأدرك معه الركعة الثانية. ثم ذكر ما يدل له من كلام موسى بن عقبة. قال البيهقي: فالصلاة التي صلاها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو مأموم صلاة الظهر، وهي التي خرج فيها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين الفضل بن عباس وغلام له. قال: وبذلك جمع بين الأخبار. وقال ابن حزم: وهما صلاتان متغايرتان بلا شك، إحداهما التي رواها الأسود عن عائشة وعبيد الله عنها وعن ابن عباس صفتها: أنه صلى الناس خلفه وأبو بكر عن يمينه في موقف المأموم يسمع الناس تكبيره. والثانية التي رواها مسروق وعبيد الله عن عائشة وحميد عن أنس صفتها: أنه كان خلف أبي بكر في الصف مع الناس فارتفع الإشكال جملة. قال: ومرضه كان نحو اثني عشر يوماً فيه ستون صلاة أو نحو ذلك اهـ مخلصاً. وحينئذٍ فليست هذه الفضيلة من خصائص ابن عوف كما هي له فهي لجدنا الصديق رضي الله عنه أيضاً. روي له عن النبي خمسة وستون حديثاً، اتفقا منها

(4/228)

على حديثين، وانفرد البخاري بخمسة، وفضائله شهيرة طوينا عن نشرها خوف التطويل (أتى) بالفوقية مبني للمجهول خبر أن: أي إنه جيء إليه (بطعام) لعل تنوينه للتعظيم كما يومىء إليه آخر القصة (وكان صائماً) جملة في محل الحال وأتى بها لبيان كماله أنه مع توافر الداعي لتناول الطعام تركه لما صرفه عنه مما يخاف منه أن يكون مؤخراً له عن الدرجات العلا (فقال قتل) بالبناء للمجهول (مصعب) بضم الميم وسكون الصاد المهملة وفتح العين المهملة وبالباء الموحدة (ابن عمير) بضم العين المهملة وسكون التحتية ابن هشام بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى بن كلاب القرشي العبدري وكان من فضلاء الصحابة وخيارهم ومن السابقين إلى الإسلام، وكان قتله يوم أحد قتله عبد الله بن قتيبة وهو يظنه النبي (رضي الله عنه) جملة دعائية (وهو خير مني) هذا من تواضعه وكمال فضله وإلا فأفضل الصحابة العشرة الذين منهم ابن عوف (فلم يوجد له ما يكفن فيه) الفعلان مبنيان للمجهول (إلا بردة) بضم الموحدة وبالرفع بدل من ما، ويجوز نصبه على الاستثناء، وهو عربي فصيح وإن كان الأول أفصح، وقوله (إن غطى) بضم المعجمة وكسر المهملة المشددة أي ستر (بها رأسه بدت رجلاه، وإن غطى بها رجلاه بدا رأسه) جملة شرطية في محل الصفة لبردة. وأتى بقوله «وإن غطى بها رجلاه» مع دلالة ما قبله عليه واستلزامه إياه لأن المقام للإطناب (ثم بسط) بالبناء للمجهول، أي وسع (لنا في الدنيا ما بسط) الموصول نائب الفاعل والظرفان في محل الحال منه (أو) شك من الراوي في أنه قال ما بسط أو (قال: ما أعطينا) وقوله (قد خشينا أن تكون حسناتنا) أي أعمالنا الصالحة الحسنة (عجلت لنا) أي عجل لنا جزاؤها فلا نقدم على ثواب مدخر جملة مستأنفة استئنافاً بيانياً وهذا منه من مزيد خوفه من الله تعالى وشدة خشيته له، خشي أن يكون ما هو فيه من اليسار من جزاء طاعته التي فعلها مع أن ذلك اليسار من أسباب عمله الصالح ومتجره الأخروي

(4/229)

الرابح كما علم من إنفاقه في سبيل الله تعالى وتصدقه على عباد الله ومع ذلك لعدم نظره لعمله واعتداده خشي أن يكون ما يدخره سواه من أسباب إبعاده عن مولاه (ثم جعل يبكي) خوفاً من ذلك وأن يكون صفر اليدين من صالح الأعمال في المآل، وجعل هنا من أفعال الشروع، وقوله (حتى ترك الطعام) غاية لبكائه: أي تمادى به إلى أن أدى به لذلك (رواه البخاري) في الجنائز وفي المغازي من «صحيحه» كما في «الأطراف».

10455 ــــ (وعن أبي أمامة) بضم الهمزة (صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه) صدي بضم المهملة الأولى وفتح الثانية كما تقدم مع ترجمته في باب التقوى (عن النبيّ قال: ليس شيء أحبّ) بالنصب خبر ليس، وهو من الفعل المبني للمجهول: أي ليس شيء أكثر محبوبية (إلى الله تعالى) أي ليس شيء أكثر ثواباً عنده وأعظم مكانة من فضله (من قطرتين) بفتح القاف وهي كما في «المصباح» النقطة (وأثرين) بفتح الهمزة والثاء المثلثة هي ما بقي من الشيء دلالة عليه (قطرة دموع) أي قطراتها وأفردت لإضافتها إلى الجمع ثقة بذهن السامع (من) الأقرب أنها سببية ويحتمل كونها ابتدائية: أي دمعا مبتدأ من (خشية ا) أي ناشئة منها وهي تكون من المعرفة الناشئة من العلم والعمل به.

(4/230)

قال تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} (فاطر:28) وقال : «أنا أعرفكم با وأشدكم له خشية» (وقطرة دم) قال العاقولي. إفراد الدم يدل على أن إهراقه أفضل من الدموع (تهراق) بضم الفوقية وفتح الهاء وذلك لأنه مضارع للرباعي ولا نظر للهاء فيه لأنها زائدة، وقد استثناه ابن هشام في «الجامع الصغير» مما يفتح فيه حرف المضارعة من الخماسي فإنه مضمون فيه وإن كان الماضي خماسياً لأنه رباعي. وإنما زيدت فيه الهاء على غير قياس. قال ابن فلاح ويؤيد بقاءه على حكم الرباعي قطع الهمزة فيه ولو خرج إلى الخماسي لغير إلى همزة الوصل والجملة الفعلية في محل الصفة لقطرة، وقوله (في سبيل ا) أي في الجهاد للكفار لإعلاء كلمة الله متعلق بالفعل المذكور وقوله قطرة الخ بيان للقطرتين، وكان الظاهر أمّا القطرتان فقطرة دموع الخ كما يدل عليه قوله (وأما الأثران) ولعله مقدر كذلك بشهادة العطف (فأثر في سبيل الله تعالى) أي ما يبقى بعد الاندمال من ضربة سيف أو طعنة رمح (وأثر في فريضة الله تعالى) وذلك لبلل في أعضاء الوضوء وأثر السجود (رواه الترمذي) في كتاب الجهاد من «جامعه» (وقال: حديث حسن) زاد فيه بعد قوله حسن قوله غريب، وكان المصنف سكت عنه لعدم ضرره في حسن الحديث لأنها غرابة نسبية لا غرابة مطلقة.
(وفي الباب) أي «باب البكاء من خشية ا» (أحاديث كثيرة) وصف توكيدي وإلا فصيغة الأحاديث من جموع الكثرة الدالة عليها (منها حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ موعظة) يحتمل أن تكون منصوبة على المصدر أي وعظنا وعظاً بليغاً كما يدل عليه العدول عن وعظاً إليها، ويحتمل أن تكون منصوبة بحذف الخافض (ذرفت) بوزن علم، أي دمعت (منها العيون، وقد سبق في باب النهي عن البدع) وتقدم ثمة شرحه.

(4/231)