ความประเสริฐของความหิวและการใช้ชีวิตอย่างลำบากในดุนยา (ตอนที่ 3)

อาลี เสือสมิง
อาลี เสือสมิง
ความประเสริฐของความหิวและการใช้ชีวิตอย่างลำบากในดุนยา (ตอนที่ 3)
/

ตำรา ที่ใช้ : ดะลีลุ้ลฟาลิฮีน (อธิบาย ริยาฎุซซอลิฮีน)

สถานที่ : โรงเรียนญะมาลุ้ลอัซฮัร, อิสลามรักสงบ ซ.พัฒนาการ 30

:: เนื้อหา ::

7496 ــــ (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذات يوم) أي في الحقيقة التي هي اليوم وأتى بذات دفعاً لتوهم أن المراد به مطلق الزمان (أو) شك من الراوي (ليلة) بالإضافة والمضاف لفظ ذات (فإذا هو بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما) أي ففاجأ خروجه رؤيتهما، وهو مبتدأ والظرف بعده خبر (فقال، ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟) أي التي لم تجر العادة بالخروج فيها لأنها ليست وقت صلاة ولا ما يجتمع له من كسوف أو نحوه من الحوادث (قالا: الجوع) يجوز أن يعرب مبتدأ خبره جملة محذوفة دل عليها السؤال: أي أخرجنا ويجوز إعرابه فاعلاً لأخرجنا مقدراً وأيهما أولى يبني على الخلاف في أي المرفوعات أصل المبتدأ أو الفاعل أو هما في مرتبة واحدة فعل الأول يعرب مبتدأ وعلى الثاني فاعلاً وعلى الثالث يخير (قال) (وأنا) الواو فيه للاستئناف ثم في رواية صاحب «الشمائل» وغيره الغابة «قال أبو بكر: خرجت للقاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والنظر في وجهه والسلام عليه فلم يلبث أن جاء عمر فقال: ما جاء بك يا عمر؟ قال: الجوع يا رسولالله، قال رسول الله : قد وجدت بعض ذلك» فيحتمل أن الصديق كان قال كلا من المقاتلين وإنما اكتفى بلقي المصطفى والنظر إليه والسلام عليه لأن بذلك يحصل كمال القوى فيذهل عن ألم الجوع كما قال في وصاله في صومه «إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني» على أحد الأقوال فيه (والذي نفسي بيده) أي بقدرته فيه ندب

(4/315)


القسم لتأكيد الأمر عند السامع والحلف من غير استحلاف (لأخرجني الذي أخرجكما) وعند الترمذي في «شمائله» «وأنا وجدت بعض ذلك» أي الجوع. قال في «أشرف الوسائل»: فيحتمل أنه جمع بين المقالتين وفي عقد التقي الفاسي عن جده قال: سمعت الإمام محمداً المرجاني يقول قوله الذي أخرجكما لفظ مبهم ظاهره الجوع، والمراد والله أعلم هوالله، إذ هو الذي أخرجه حقيقة فعبر بلفظ الذي الصادق على السبب وعلى المسبب ليشاركهم في ظاهر الحال دفعاً للوحشة الواقعة في ذكر الجوع. قلت: وهذا من معالي الأخلاق وكريم الشيم وهو من معنى قوله تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} (الشعراء:215) اهـ. كلامه. قلت: وهذا يسميه البديعيون بالتوجيه، ومنه قول إمامنا الشافعي رضي الله عنه في خياط أعور:
خاط لي عمرو قباء
ليت عينيه سواء

(4/316)


فإنه محتمل للدعاء له والدعاء عليه (قوموا فقاموا) أي على الفور كما تؤذن الفاء وانصرفوا (معه فأتى رجلاً من الأنصار) يأتي تعيينه في الأصل بما فيه (فإذا هو ليس في بيته) أي ففاجأ مجيئهم فقدانه من البيت، وهو مبتدأ والجملة بعده في محل الخبر (فلما رأته) أي أبصرته (المرأة) فيؤخذ منه جواز نظر الأجانب إليه كما يجوز نظره للأجانب منهن وأنه معهم كالمحارم في جواز الخلوة والنظر، ويحتمل أن تكون الرؤية علمية والمفعول الثاني محذوف لدلالة المقام عليه: أي مقبلاً، والمرأة بوزن التمرة ويجوز نقل حركة هذه الهمزة إلى الراء فتحذف وتبقى مرة بوزن سنة، ويقال فيها امرأة كما يقال مرأة وربما قيل امرأ بغير هاء اعتماداً على قرينة تدل على المسمى. قال الكسائي: سمعت امرأة من فصحاء العرب تقول أنا امرأ أريد الخير وجمع امرأة نساء ونسوة من غير لفظها كذا في «المصباح» ولم أقف على اسمها (قالت مرحباً) أي وجدت منزلاً رحباً: أي واسعاً فانزل (وأهلا) أي وصادفت أهلاً فأنس كذا في هذه الرواية، وفي رواية أنهم كرروا السلام ولم يجبهم حتى هم بالانصراف، ثم أجابت واعتذرت بأنها أرادت كثرة دعائه وتكريره لها ولصاحب منزلها فلعلها قالت ما ذكر قولاً نفسياً ثم أخبرت عنه والله أعلم (فقال لها رسول الله : أين فلان؟) قال المصنف في «التهذيب»: قال ابن السراج: كناية عن اسم يسمى به المحدث عنه خاص غالب اهـ. وتقدم هذا المعنى بزيادة في باب الصبر وزاد «تفسيري البيضاوي والكشاف» قولهما كما أن هذا كناية عن الأجناس (قالت: ذهب يستعذب لنا الماء) يؤخذ منه أن استعذاب الماء لا ينافي شأن الصحابة من الإعراض عن زهرات الدنيا ومستلذاتها (إذ جاء الأنصاري) يحتمل أن تكون للمفاجأة بناء على مجيئها لذلك كما قال به جمع وإن نوزعوا فيه بما بينته أول رسالتي «إنباه النائم من سنة نومه» ببعض فوائد قوله تعالى: {وإذ استسقى موسى لقومه} (البقرة:60) (فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه

(4/317)


وسلم وصاحبيه) أي وقع النظر إليهم عقب مجيئه وهذا يحتمل أن يكون اتفاقاً، ويحتمل أن يكون لما حل عليه من الإشراق والتجلي الرباني ولم يدر سببه من نفسه، فنظر ليرى سببه من الخارج فرأى مشكاة أنوار المصطفى المختار ومعه صاحباه رضوان الله عليهما (ثم قال) أي بعد أن رحب وأظهر كمال الفرح الكامن فيه الكائن عنده بحلول المصطفى في منزله وأتى بما يدل على ذلك (الحمد) أي هذه نعمة يجب شكر المنعم بها شرعاً ليدوم نفعها، وقوله (ما أحد اليوم أكرم أضيافاً مني) جملة مستأنفة ليبين الحامل له على الحمد والداعي إليه، وفيه دليل كمال فضيلته وبلاغته وعظم معرفته لأنه أتى بكلام بديع مختصر في هذا الموطن، وما حجازية وأكرم خبره واليوم ظرف للنفي المدلول عليه بما: أي انتفى وجدان أحد اليوم أكرم، من الكرم وهو الجود والخيار ومنه حديث «إياك وكرائم أموالهم» وأضيافاً منصوب على التمييز ومني متعلق بأكرم (فانطلق) أي من محل رؤيته من حائطه عقب قول ما ذكر (فجاءهم بعذف) وجاء عند الترمذي بدله «بفنو» وهو بكسر القاف وسكون النون: العذق الغصن من النخل (فيه بسر) هو المتلون من ثمر النخل.

(4/318)


قال المصنف في «التهذيب»: قال الجوهري: البسر أوله طلع ثم خلال ثم بلح ثم بسر ثم رطب ثم تمر، الواحدة بسرة والجمع بسرات وبسر وأبسر النخل صار ما عليه بسراً ا هـ (وتمر) بفتح الفوقية وسكون الميم. قال في «المصباح» هو تمر النخل كالزبيب من العنب، وهو اليابس بإجماع أهل اللغة لأنه يترك على النخل بعد إرطابه حتى يجف أو يقارب ثم يقطع ويترك في الشمس حتى ييبس، الواحدة تمرة والجمع تمور وتمران بالضم والتمر يذكر ويؤنث في لغة فيقال: هو التمر وهي التمر ا هـ (ورطب) بضم ففتح قال في «المصباح»: الرطب تمر النخل إذا أدرج ونضج قبل أن يجف والجمع رطاب مثل كلبة وكلاب (فقال: كلوا) زاد الترمذي في «الشمائل»: فقال النبيّ : «أفلا تنقيت»؟ فقال: يا رسول الله: إني أردت أن تختاروا من رطبه وبسره فأكلوا وشربوا، (وأخذ المدية) بسكون الدال المهملة (فقال له رسول الله : «إياك والحلوب» أصله احذر تلاقي نفسك والحلوب العامل وجوباً وفاعله، ثم المضاف الأول وأنيب عنه الثاني فانتصب، ثم الثاني وأنيب عنه الثالث، فانتصب وانفصل لتعذر اتصاله، قاله ابن هشام في «التوضيح» في نحوه وإنما نهى عن ذبحها شفقة على أهله بانتفاعهم بلبنها مع حصول المقصود بغيرها فهو نهي إرشاد لا كراهة في مخالفته لزيادة أكرام الضيف وإن أسقط حقه (فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق) أتى بمن التعيضية إشعاراً بالإعراض عن الدنيا مع تمام الداعية ومزيد الحاجة (وشربوا) أي من الماء العذب (فلما أن شبعوا ورووا) بضم الواو التي هي عين الفعل والأصل رويوا بوزن علموا (قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما: «والذي نفسي بيده») أي قبض روحي بقدرته (لتسألن) بضم اللام والفعل مبني للمجهول ونائب الفاعل واو الجماعة فحذف لالتقاء الساكنين (عن هذا النعيم يوم القيامة) ثم قال مبيناً وجه السؤال المذكور على وجه الاستئناف البياني (أخرجكم من بيوتكم) بضم الموحدة وتكسر

(4/319)


اتباعاً لحركة الياء (الجوع) ونسبة الإخراج إليه مجاز عقلي من الإسناد إلى السبب،وإلا فالمخرج لهم من منازلهم هو الله تعالى (ثم لم ترجعوا) بالبناء للفاعل ويجوز بناؤه للمجهول إن لم تصد عنه رواية (حتى أصابكم هذا النعيم) وهو الطعام والشراب (رواه مسلم) في أواخر «صحيحه»، ورواه الترمذي في «جامعه» و«شمائله»، وقال في «جامعه» في باب الاستئذان: رواه غير واحد عن شيبان، وشيبان صاحب كتاب وهو صحيح الحديث، وقال في الزهد منه وقد رواه من طريق شيبان أيضاً: حسن غريب، ورواه فيه من طريق أخرى ثم، وشيبان ثقة عندهم صاحب كتاب وهو صحيح الحديث، ورواه النسائي في الوليمة وابن ماجه في الأدب.5

(4/320)


(وقولها: يستعذب) ، أي يطلب الماء العذب فالسين فيه للطلب، وهو أحد معاني استفعل كما ذكرته في رسالتي «إنباه النائم في سنة نومه» وفي «الصحاح» استعذب لنا الماء استقى لنا ماء عذباً واستعذب الماء سقاه عذباً ا هـ. وبه يعلم أن الفرق بينه مع لنا ودونها، وإنما ذهب لطلب الماء العذب لأن أكثر مياه المدينة حينئذ كانت مالحة (وهو) أي الماء العذب (الطيب) أي ما يستطاب من الماء وليس المراد منه معنى العذب لغة، وهو ما يسوغ شربه ولو مع بعض الكزازة لأن ذلك ثابت لجميع مياه المدينة (والعذق بكسر العين) المهملة (وإسكان الذال المعجمة وهو الكباسة) قال في «المصباح»: هي بالكسر عنقود النخل والجمع كبائس وهو معنى قوله: (وهي) أي الكباسة (الغصن) أي من أغصان النخل لا مطلقاً كما هو ظاهر واكتفى عن تقييد ذلك بدلالة السياق (والمدية بضم الميم) بوزن غرفة وجمعها غرف، ومقتضى كلام «المصباح» وبنو قشير تقول مدية بكسر الميم والجمع مدى كسدرة وسدر (هي السكين) بكسر المهملة وتشديد الكاف ونون أصلية قيل: بوزن فعيل، وقيل: زائدة فيكون وزنه فعلين مثل غسلين: الشفرة سمي بذلك لأنه يسكن حركة المذبوح، وحكى ابن الأنباري فيه التذكير والتأنيث. قال السجستاني: إن أبا زيد الأنصاري والأصمعي وغيرهما ممن أدركه أنكروا التأنيث وقالوا: هو مذكر، وربما أنث في الشعر على معنى الشفرة وأنشد الفراء:
بِسِكِّين مُوَثَّقَةِ النِّصابِ

(4/321)


ولذا قال الزجاج: السكين مذكر وربما أنث بالهاء لكنه شاذ غير مختار (والحلوب) بفتح الحاء المهملة وضم اللام (ذات اللبن) قال في «المصباح»: فإن جعلتها اسماً أتيت بالهاء فقلت: هذه حلوبة فلان مثل الركوب (والسؤال عن هذا النعيم) المؤكد بالقسم واللام، وذلك لاستبعادهم له فإنه من حاجة جافة، لا من شهوة وحظ نفس (سؤال تعداد النعم) والامتنان بها وإظهار الكرامة بإساغتها، زاد في «الشمائل»: ظل بارد ورطب وماء بارد (لا سؤال توبيخ) وفي «المصباح» وبخته توبيخاً: لمته على سواء فعله وعنفته وعتبت عليه، كلها بمعنى. وقال الفارابي: عيرته. وقال الجوهري: التوبيخ التهديد: أي لعدم القيام بشكرها (وتعذيب) أي يتسبب عن كفرانها وعدم شكرها لأن ذلك غير كائن للصاحبين فيما تتناولاه حينئذ. قال ابن القيم: كل أحد يسأل عن تنعمه الذي كان فيه هل ناله من حل أو لا؟ وإذا خلص من ذلك يسأل هل قال بواجب الشكر فاستعان به على الطاعة أو لا والأول سؤال عن سبب استخراجه، والثاني عن محل صرفه ا هـ. وإنما ذكر المصطفى ذلك إرشاداً للآكلين والشاربين في حفظ أنفسهم في الشبع عن الغفلة باشتغال أحدهم بحظ نفسه ونعمتها عن تذكر الآخرة (وهذا الأنصاري الذي أتوه هو أبو الهيثم) بهاء مفتوحة وسكون التحتية وفتح المثلثة: كنية مالك (ابن التيهان) بفتح الفوقية وتشديد التحتية الأنصاري الأوسي أحد النقباء (كذا جاء مبيناً في رواية الترمذي) من حديث أبي هريرة نفسه، رواه كذلك في «جامعه» وفي «الشمائل»، وورد في رواية أخرجها الحافظ ابن حجر العسقلاني في «تخريج أحاديث الأذكار» من حديث ابن عباس أنهم انطلقوا إلى دار أبي أيوب الأنصاري وساق القصة بنحوه وفي آخره: «إذا أصبتم مثل هذا فضربتم بأيديكم فقولوا: بسم الله وببركةالله، وإذا شبعتم فقولوا: الحمد الذي أشبعنا وأروانا وأنعم علينا وأفضل فإن هذا كفاف هذا»

(4/322)


أيوب والمشهور في هذا قصة أبي الهيثم، والثاني ما في آخره من التسمية والحمد ا هـ. وفي «أشرف الوسائل» في رواية عند الطبراني وابن حبان أنهم جاءوا إلى أبي أيوب، ولا مانع في أنهما قصتان اتفقتا لهم مع كل واحد منهما، ورواية مسلم رجلاً من الأنصار محتملة لهما ا هـ. وكأن المصنف جزم بكونه أبا الهيثم لكون رواية الترمذي عن الصحابي الذي رواه عنه مسلم والله أعلم (وغيره) كابن ماجه فعنده أيضاً اذهبوا إلى بيت أبي الهيثم بن التيهان وكابن أبي عاصم في كتاب الأطعمة والحاكم كما أشار إليه الحافظ في تخريجه لأحاديث الأذكار في «أماليه» عليها.

(4/323)